-A +A
افتتح أبو سامر بقالة في حينا ووضع دعاية استخدم فيها عنصر الإبهار شعارها (يوم عليك ويوم علينا) وقد علقها في كل مكان بارز من الحي، ولأننا غلب علينا طابع السذاجة والاندفاع فقد هرولنا لأبي سامر نريد الاشتراك في هذه البقالة مدى الحياة، واستقبلنا بوجهه البشوش يحتضن الواحد منا وكأنه يعرفه منذ سنين مع العلم أنه لأول مرة يراه، مرددا عباراته الجميلة «تكرم عينك، وعيوني الك، وانتم مش زبائني وبس انتم شركائي وحبايبي»، وكان يساعد أبا سامر زوجته أم سامر وبناته الحلوات في النافذة المخصصة للنساء «ولكن أكثر من يشتري من هذه النافذة شبان الحي المملوحين» لكن أبا سامر شخص متسامح مع الكل ويحب الناس ولا يرد أحدا. كثر الزبائن وكثر دخل أبي سامر -اللهم لا حسد- ولكن لاحظ الناس شيئا غريبا أن مصروفهم الشهري زاد بشكل كبير عن الأشهر السابقة حتى إن أحدهم قال: «والله يابو سامر ما يشبه إعلانك سوى (يوم علينا ويوم علينا)»، لكن أبا سامر أقنعهم بأسلوبه الجميل: «يا عمي البضاعة الحلوة بتغري الكريم وتنفر البخيل».طريقة أبي سامر طريقة رائعة للتسويق فمعرفته بسذاجة المشتري ودراسته لحالته النفسية وأنه سهل إبهاره عمد إلى هذه الطريقة الذكية وأقنع الناس بأن ما يدفعونه في اليوم الأول يعطيهم بقدره مجانا في اليوم الثاني، هي عملية خصم لم يسبق لها مثيل مع العلم بأن العملية حسابيا ما هي إلا (خصم قد يصل ولا يتجاوز الـ 50%). مما جعل الناس يندفعون بشكل غير محسوب في الإقبال على الشراء بشكل كبير يأخذون ما يحتاجون وما لا يحتاجون للاستفادة من هذا العرض الفريد!!.
أبو سامر لو استخدم الطريقة التقليدية وأعلن بعبارة خصم (قد يصل لـ 50%) عندما استهل تجارته بهذه البقالة لما تقاطر عليه أهل الحي ولفضلوا المحلات الأخرى التي تعطي خصما أكثر يصل لـ 70%، وزاد الحبكة التسويقية عندما أعلن كذلك بأن العرض لأول 500 مشتر فقط (لشعللة العالم أكثر) وزيادة الإقبال، مع أنه لو يشترك معه ضعف العدد أو ثلاثة أضعافه لما ردهم (كسبان في كل الحالات).ضعف ثقافة المشتري واندفاعه وتلقائيته وكذلك مكر البائع المحترف وقلبه لعبارات الإعلان مستخدما طرق الإبهار والمباغتة يجعل التكسب من ظهور (حي الغلابا) أمرا مشروعا وسهلا خاصة في غياب دور الرقابة الإعلانية والتجارية الرسميتين وبرامج التوعية وزيادة الثقافة الشرائية للمستهلك إعلاميا.

غانم محمد الحمر